← Back to portfolio

!بايدن هدوء ما قبل العاصفة

Published on

بعد فوز بايدن في الأنتخابات وأصبح رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية بدأت دول في مختلف أنحاء العالم تستعد لحقبة بايدن وترسل له تهنئة بفوزه في الأنتخابات وإلى جانب الاستعدادات التي تمت داخل الولايات المتحدة من أجل حفل تنصيب الرئيس الأمريكي جو بايدن كانت هناك استعدادات لبعض الدول لي رسم سياسات جديدة وفتح صفحة جديدة مع إدارة بايدن وذلك نتيجة أن بعض هذه الدول امتازت علاقتهم مع الولايات المتحدة الأمريكية في عهد ترامب أما بالهشاشة أو التوتر والتصعيد بين الجانبين..ومع دخول بايدن البيت الأبيض وأصبح الرئيس الفعلي للولايات المتحدة بدأت عاصفة من التساؤلات تدور في أذهان الكثيرين عن كيف ستتعامل الإدارة الجديدة مع العالم وهل بايدن سيكمل مسيرة ترامب ويسير على خطاه أم أنه سيمحو كل سياسات ترامب؟ وإذا كان الشعار الذي رفعه ترامب أثناء توليه منصب الرئاسة "أمريكا أولاً" والذي لم يخرج إلى حيز التنفيذ فماذا سيكون شعار بايدن الذي سيبني عليه سياسته هل سيكون"الوحدة الأمريكية "؟

يمكننا القول أن يوم ٢٠ يناير كان يوماً للولايات المتحدة الأمريكية فعالم أجمع تابع مشاهد حفل تنصيب جو بايدن واستمعوا إلى خطاب بايدن وكان هذا الخطاب بمثابة المنوال الذي نسج عليه الكثيرين سياسة بايدن في تعامله مع بعض القضايا والملفات وأن كان الخطاب شعبوي موجه للشعب الأمريكي ويبعث الطمأنينة والسكينة في قلوب الشعب الأمريكي إلا أنه كان يبعث معه التساؤلات والتكهنات والتفسيرات في عقول شعوب العالم والوقوف على كل كلمة لمعرفة المقصد من وراء ذلك.. وقراءة للمشهد العام للأجواء حفل التنصيب وخطاب جو بايدن سنجد أن بايدن حرص على توصيل رسالتين" الوحدة" و "محاربة العنصرية" فبين كل جملة وأخرى في خطاب بايدن سنجد أنه حرص على الحديث عن الوحدة الأمريكية والعمل على ترميم البيت الأمريكي الذي أصابه حالة من الشروخ نتيجة العديد من العوامل منها تتعلق بتفشي مرض العنصرية في جسم المجتمع الأمريكي إلى جانب تفشي وباء كورونا وازدياد في حالات الاصابات إلى جانب ارتفاع في معدل الوفيات وانعكاس ذلك على تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع في عدد العاطلين على العمل إلى جانب الانقسام الكبير الذي شاهده الشارع الأمريكي والذي غذاها ترامب من خلال تذمره وتشكيكه في نتائج الانتخابات و تحريض أنصاره على استخدام العنف وشهدنا ذلك يوم ليلة سقوط الكونغرس في أيدي أنصار "مليشيات" ترامب والتي أسفر عن سقوط ضحايا فهذا المشهد سيخلد في ذاكرة التاريخ الأمريكي وسيظل كالظل يطارد ترامب إلى الأبد

ولذلك وجدنا بايدن حرص على تنشيط العقل الأمريكي وشحنه بالحديث عن الوحدة والإتحاد وجعل الولايات المتحدة أسم على مسمى أن تكون متحدة وإلى جانب حديث بايدن عن الوحدة سنجد أنه حرص أيضاً في حفل التنصيب على توصيل رسالة إلى الأقلية الذين يتعرضون إلى حملة من الاضطهادات والعنصرية بسبب لون بشرتهم فيتم قتلهم أو يتم التعامل معهم بشكل غير إنساني فسنجد في مشهد التنصيب الذي يملؤه البهجة والأمل سنجد فتاة في العشرينات من ذو أصحاب البشرة السمراء تلقى شعراً.. ومن هذا المشهد يمكن الاستنتاج من أن بايدن ضمن أولوياته هو قضية العنصرية والحرص على معالجة هذه القضية الشائكة.. فيمكن القول من خلال خطاب بايدن الذي حمل الكثير من الرسائل وأغلبها للشعب الأمريكي سنجد أيضاً أنه حدد أولوياته هو ترميم البيت الأمريكي في مختلف الجوانب الاقتصادية والصحية والأجتماعية لجعله متماسك متحد خالي من أمراض العنصرية وسوء الأحوال الاقتصادية والصحية

إما على الصعيد الخارجي فسنجد أن بايدن في حفل التنصيب أشار إلى جانب التهديدات الداخلية فأشار أيضاً إلى التهديدات الخارجية لكن دون تسمية ذلك في حفل التنصيب وعلى مايبدو أنه حرص علي أن يكون الخطاب خالي من أي كلمات وعبارات يمكن أن تعكر المزاج العام

لكن هذا لم يخفي سياسة بايدن الخارجية فهو أن لم يذكر صراحة سياسته الخارجية فإنه ترك إدارته الكشف عن بعض سياسته في بعض الملفات والقضايا وعن كيفية تعامل الادارة الجديدة مستقبلاً مع هذه الملفات مثل الملف الإيراني النووي والقضية الفلسطينية وسياسة بايدن تجاه تركيا والتهديدات الإيرانية في المنطقة أضافة إلى الملف السوري وغير ذلك من القضايا فبايدن حدد سياستها أو أشار إلى جزء من رؤيته تجاه بعض القضايا وذلك قبل أن يتولى منصب الرئاسة فبايدن قبل أن يتولى منصب الرئاسة تحدث عن رغبته في العودة إلى الإتفاق النووي الإيراني لكن بشروط وضعها لي جعل الإتفاق يتسم بالقوة وذلك في مقابل إذا وافقت إيران على هذه الشروط ستعود الولايات المتحدة الأمريكية إلى الإتفاق وسيتم رفع العقوبات عن إيران وذلك في ظل رفض إسرائيلي لخطوات بايدن وبعد توليه منصب الرئاسة أعاد بايدن التأكيد على ذلك وفي مقابل ذلك بدأت إسرائيل تعيد ترتيب أوراقها من جديد وسيكون هناك زيارة مرتقبة لرئيس جهاز الموساد يوسي كوهين للولايات المتحدة في الأيام المقبلة لمناقشة الملف النووي الإيراني وتوضيح وجهة النظر الإسرائيلية تجاه هذا الملف إضافة إلى وضع شروط لذلك

أما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية سنجد بايدن قبل أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة ألقى عدد من الوعود في حال فوزه في الانتخابات منها إعادة جسر الحوار من جديد مع السلطة الفلسطينية بعد سياسة ترامب التي اتسمت بهدم جسر الحوار مع الفلسطينيين إضافة إلى معارضة بايدن عملية الضم و الزحف الاستيطاني وحرص بايدن على إظهار اهتمام لي الفلسطينيين وفيما يتعلق بالملف السوري فبايدن قبل توليه منصب الرئاسة كان ينتقد سياسة ترامب بشأن سحب القوات الأمريكية من سوريا وترك الساحة لي تركيا وقيام تركيا بعملية إبادة تتم ضد الأكراد في شمال سوريا ويمكن هذا النقد إشارة إلى أن سياسة بايدن تجاه الملف السوري ستكون مخالفة لسياسة ترامب فقد يحرص على تعزيز قوات الأمريكية في سوريا وسيحرص على خدمة الأكراد لكن ومما لا شك فيه أن قضية الأكراد والتدخل التركي في سوريا انعكس أيضاً على رسم سياسة بايدن تجاه الملف التركي وقد يؤثر ذلك على العلاقات التركية الأمريكية فبايدن قبل توليه الرئاسة وصف أردوغان" بالمستبد " وذلك إشارة إلى حملة الاعتقالات التي يقوم بها النظام التركي ضد المعارضين إضافة إلى نقد بايدن الخطوات والسياسات التي تقوم بها تركيا في سوريا وفي المنطقة وهذه التصريحات يمكن أن تكون هي مؤشر والطريق الذي سيسير عليه بايدن تجاه تركيا فسيكون طريق وعر وقد نشهد علاقات هشة متوترة بين الجانب التركي والأمريكي في عهد بايدن

واستمراراً لي سياسة بايدن القائمة على محو السياسات الترامبية وحل محلها سياسات جديدة فعمل بايدن على إتخاذ حزمة من القرارات فور دخوله البيت الأبيض وهو العودة إلى كل من اتفاقيات المناخ والعودة إلى منظمة الصحة العالمية إضافة إلى إعادة النظر في اتفاقية السلام التي إبرامها بايدن مع طالبان ورفع حظر السفر من الدول التي وضعها ترامب على قائمة الحظر أضافة إلى وقف بناء جدار عازل عن المكسيك

مما لا شك فيه أن إدارة بايدن ستواجه العديد من الأزمات والتحديات وسيشهد العالم حالة مفاجئة من التقلبات في السياسة الأمريكية وستعيد دول فتح صفحات جديدة مع إدارة بايدن مثل إيران وتركيا وقد نشهد حالة من الأستقرار والهدوء النسبي في المنطقة والعالم.. ولكن هذا الهدوء هو هدوء ما قبل العاصفة