← Back to portfolio

الخيار شمشون

Published on

أثارت تصريحات وزير الخارجية مايك بومبيو والهجوم الشرس ضد إيران جدل واسع سواء في أوساط الإعلام أو ردود إيران علي تصريحات بومبيو وهذه التصريحات الأمريكية تمثلت في كشف النقاب عن وثائق سرية عن إيران وعن صلة إيران بي تنظيم القاعدة وأن أحداث ١١ سبتمبر إيران ضلع مشترك فيها إضافة إلى أنه أشار أن إلى أن تم تصفية العضو في تنظيم القاعدة أبو محمد المصري في إيران واستمرت موجة الهجوم على إيران من جانب بومبيو عن طريق نشر تغريدة باللغة الفارسية يشحن فيها الشعب الإيراني ضد النظام الإيراني

لكن لماذا هذه الموجة الشرسة على إيران ولماذا قررت فجأة إدارة ترامب المنتهية الصلاحية أتخاذ هذه الخطوات وما الهدف من ذلك كله؟

في واقع الأمر تصريحات بومبيو لم تكن مفاجأة للرأي العام العالمي بما فيها إيران نفسها فإيران هي الأب الروحي لي الإرهاب وهي قبلة الجماعات الإرهابية ونعلم ذلك جيداً فإيران لها أذرع في مختلف أنحاء العالم وليس في منطقة الشرق الأوسط وكل خطوة تخطوها إيران بتترك خلفها أثار الإرهاب والدماء وهنا لا أتحدث عن الشعب الإيراني، وأنما عن النظام الإيراني لأن داخل إيران هناك رافضين ومعارضين لسياسة إيران وكان أبرز هؤلاء هي إبنة رئيس الجمهورية السابق رفسنجاني التي صرحت في حوار لها أنها تعارض سياسة النظام الإيراني سواء السياسة الخارجية أو الداخلية ورفضت وجود إيران في سوريا وكانت تأمل أن ترامب من كان يفوز في الإنتخابات وليس بايدن بسبب سياسة ترامب الرادعة للنظام الإيراني إضافة أن هناك معارضين داخل إيران لكن النظام الإيراني يكتم أنفاسهم سواء بالقمع أو بقيام حملات اعتقالات أوالإعدام القصري وتلفيق تهم لهؤلاء المعارضين لتمنع كل من يسول له نفسه أن يعارض النظام الإيراني أو المرشد الأعلى الإيراني خامنئيظل الله في الأرض

إذا أن سياسة النظام الإيراني في المنطقة والعالم ليس بجديد ما هو جديد في الآونة الأخيرة أن الولايات المتحدة (الديمقراطية) قررت في فترة ولاية ترامب المنتهية الصلاحية الكشف عن وثائق تزعم أنها سرية و كأنها محاولة لي وضع تبريرات لي ما قد تقوم به الولايات المتحدة إذا ما قررت إعلان الحرب على إيران مثل ما أعلن إدارة بوش الحرب على العراق ووضع تبريرات بأنه يحارب الإرهاب وأن العراق لديها أسلحة دمار شامل واستخدام ورقة الإرهاب كوسيلة لتبرير غايتها مثل ما تستخدم إدارة ترامب هذه الورقة

لكن إذا كذبت الولايات المتحدة في مزاعم العراق فيما يتعلق بإمتلاكها أسلحة دمار شامل فسيكون الأمر مختلف في إيران لأن إيران على وشك أن تمتلك سلاح نووي وهي تشارك في ماراثون التسليح النووي أي أن لو هناك حرب قادمة سيكون سببين أحدهم غير رئيسي وهو محاربة الإرهاب وقطع رأس الأفعى وسبب الرئيسي هو محاولة كبح جماح إيران من أن تحقق تقدم في مشروعها النووي وأن تمتلك سلاح نووي

فإسرائيل صرحت مراراً وتكراراً أنها لن تسمح بأن تمتلك إيران سلاح نووي وتدعو العالم أن يتكاتف لي مواجهة التهديدات الإيرانية فإيران لم تكن الدولة الأولى التي تتحدى إسرائيل والولايات المتحدة بأن تمتلك نووي فقبل إيران كان هناك سوريا والعراق وقامت إسرائيل بتوجيه ضربات جوية ضد المنشآت النووية العراقية والسورية قبل أن تكتمل نموها..وقد يكون السبب الرئيسي لجعل إيران تمتلك نووي هو خوفاً من يتكرر سيناريو العراق في دولتها وأن يكون هناك غزو أمريكي لدولتها فقررت أن تشارك في ماراثون التسليح النووي لمنع حدوث ذلك في المستقبل..لذا تلجأ إسرائيل بتعاون وتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية بالسعي إلى تخريب المشروع الإيراني سواء في شكل تنفيذ عملية اغتيالات ضد علماء إيرانين أو القيام بعمليات تخريب لمنشآت إيران النووية أو تزايد عمليات الهجوم السيبراني ضد منشأت إيران وشاهدنا ذلك في بداية ٢٠٢٠ و قيام إسرائيل بهجوم إلكتروني على ميناء إيران كرد فعل لما قامت به إيران بهجوم إلكتروني ضد مرافق المياه الإسرائيلي وخوف إسرائيل من احتمالية تسميم إيران المياه ولا تزال الحرب السيبرانية قائمة بين إسرائيل وإيران

وازدادت حدة التوترات بين المعسكر الإسرائيلي والمعسكر الإيراني في عهد إدارة ترامب وبدأ ترامب وكأنه رئيس لإسرائيل وليس للولايات المتحدة ويخشى على أمن إسرائيل أكثر من أمن الولايات المتحدة وبدأ بفرض عقوبات على إيران اقتصادية وخرج من الاتفاق الإيراني النووي ولا يزال ترامب في ظل المشهد داخل الولايات المتحدة الغير مستقر والمهدد بعزله من منصبه قبل ٢٠ يناير يناضل من أجل حماية أمن إسرائيل وقبل أن يترك ترامب البيت الأبيض قام بإعلان إدراج جماعة الحوثيين على قائمة الإرهاب و ذلك تزامن مع جلسة مجلس النواب الأمريكي الذي يطالب بعزل ترامب ويبدو كأنه لا يبالي لما يحدث في الداخل ثم تأتي تصريحات بومبيو أمس المثيرة للجدل و المثيرة للتساؤلات أيضاً هو توقيت نشر هذه المعلومات وترامب يودع البيت الأبيض إلى ماذا ينوي ترامب من ذلك كله

ومما هو جدير بالذكر أن تصريحات بومبيو لم تكن تعبر فقط عن سياسة الولايات المتحدة المختلفة من إدارة إلى أخرى والثابتة عند إسرائيل وهي أن أيران هي الشيطان الأعظم بالنسبة لي إسرائيل..فذكرت صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية أن رئيس جهاز الموساد يوسي كوهين زار الولايات المتحدة الأمريكية واجتمع مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو وذلك قبل تصريحات بومبيو المتعلقة بكشف معلومات عن إيران وأيضاً كشفت صحيفة (نتسيف) الإسرائيلية أن رئيس جهاز الموساد كشف للولايات المتحدة الأمريكية معلومات عن نوايا إيران للرد على إسرائيل بعد إغتيال محسن فخري زاده سيكون من خلال اليمن عن طريق جماعة الحوثيين.. وهو ما يجعلنا نضع علامة استفهام وتعجب حول قرار إدارة ترامب المنتهية الصلاحية و أتخاذه قرار بإدراج جماعة الحوثيين على قائمة الإرهاب وهو ما قوبل بترحيب من جانب بعض الدول مثل إسرائيل والسعودية ومن جانب آخر قوبل بخوف وقلق وتبعيات هذه الخطوة ومن ناحية أخرى أثار استفزاز وغضب إيران ومليشيات إيران

لكن على ما يبدو أن الخيار الدبلوماسي لوقف مشروع إيران النووي ورفض إسرائيل سياسة إدارة بايدن تجاه الملف النووي وعودة الولايات المتحدة الأمريكية للدبلوماسية وإلى طاولة المفاوضات ورفع العقوبات عن إيران لأن ذلك لن يوقف أحلام إيران بأن تكون قوي عظمى هي الأخرى في المنطقة وتستعرض عضلاتها وقوتها على دول المنطقة المفاوضات من رؤية إسرائيل لن يكون الحل..لذلك هي تستغل وجود ترامب في السلطة أكثر استفادة لأنه لن يتكرر لذا من المحتمل أن لن يبقى سوى الخيار العسكري لي إسرائيل لي وقف المشروع الإيراني النووي لكن هذا الخيار سيكون الأصعب ففي الماضي قررت إسرائيل ضرب مفاعلات إيران السورية والعراقية ولم يكن هناك رد فعل من جانب هذه الدول أم إيران سيكون الوضع مختلف وستطبق إسرائيل (الخيار شمشون) وهدم المعبد بمن فيه وإذا طبقت إسرائيل ذلك لن يبقى أمام إيران شيء لتخشي عليه وستعلن هي أيضاً الحرب على إسرائيل.. فالحرب مع إيران لن يكون قاصر على البلدين أي إيران وإسرائيل وأنما سيكون بمثابة حرب على الشرق الأوسط لأن إيران لديها أذرع في المنطقة في سوريا والعراق واليمن ولبنان إضافة إلى ذراع ايران في فلسطين متمثل في دولة حماس أي ستشارك هذه الدول إجبارياً في هذه الحرب وقد تشارك دول الخليج في هذه الحرب أيضاً فهم يرون إيران دولة تمثل تهديد لي أمنهم وقد يتحالف دول الخليج مع إسرائيل ضد إيران وحلفاؤها المتمثلين في ذيول إيران في المنطقة أي الحرب لن تكون بمنأى عن دول المنطقة بل سيكونوا جزء من هذا المشهد..فمنطقة الشرق الأوسط كتب عليها أن تكون ساحة لتصفية الحسابات وأن تكون رهينة ودروع بشرية ومركز لإستعراض القوة والعضلات على حساب أمن واستقرار الدول وعلى حساب شعوب المنطقة