← Back to portfolio

إيران الجمهورية المعقدة

Published on

بعد الثورة الخمينية وهيمنت السياسة الخمينية على مفاصل الدولة الإيرانية وتحويلها إلى جمهورية خمينية وطويت صفحة الدولة البهلوية وفتحت صفحة جديدة في التاريخ الإيراني تحمل معها نظام جديد فكرياً وعقائدياً واجتماعياً وسياسياً تشكلت ملامحه في شكل الجمهورية الخمينية ومما لا شك فيه أن هذا التغير لم يكن داخلياً فحسب وإنما انعكس هذا التغيير في السياسة الإيرانية الخارجية وبدأت بإعادة ترتيب أوراقها من جديد وتحديد العدو من الصديق وأن كانت الدولة الخمينية تعمل على كسب أعداء لصفها أكثر من أصدقاء وأن تلعب دور الجار السئ للشعوب العربية أكثر من تكوين جسور صداقة معهم.. فإذا نظرنا بشكل مختصر لتاريخ الجمهورية الخمينية سنجد أن منذ نشأتها وهي دائماً في حالة من الصراعات والنزاعات بدأ من حربها مع العراق الذي استمر ٨سنوات ثم نقل دفة الحرب إلى داخل الأراضي اللبنانية ضد إسرائيل ثم نقلت دفة الصراع داخل الأراضي السورية تضامن مع نظام بشار ثم بعد ذلك توسعت في دفة الحروب ونقلتها إلى اليمن ثم بعد انتهاء حملة العسكرية الأمريكية المواجهة ضد العراق لإسقاط نظام صدام حسين تدخلت الدولة الخمينية لأخذ نصيب من الكعكة حقيقة الأمر أن هذه السياسة العدائية هي ليست وليدة مع الجمهورية الخمينية وإنما هي متأصلة في الجذور الإيرانية وهي تبني سياسة العداء تجاه الشعوب العربية فقبل أن ترفرف الجمهورية الخمينية بأجنحتها على المنطقة أتبع النظام الذي يسبقها سياسة العداء تجاه العرب كقضم الأراضي العربية وضمها إلى ايران مثل ضم إقليم الأحواز في عام ١٩٢٥ بمباركة بريطانيا ثم توسعت شهية الإيرانية في تفريس الأراضي العربية مثل احتلال ٣ جزر إماراتية في عام ١٩٧١ وضمها إلى الإمبراطورية الإيرانية لتسقط الدولة البهلوية وتأتي الدولة الخمينية تستكمل ما بدأته الدولة البهلوية وهي الحرص على تفريس كل ماهو عربي وضمها إلى الأمبراطورية الإيرانية وهذه السياسة "تفريس العرب" يمكن أن نشاهدها عملياً في منطقة الشرق الأوسط مثل تقسيم لبنان إلى دولتين الأولى لبنان والثانية دولة حزب الله وسوريا دولة لبشار الأسد وإيران ودولة للشعب السوري والعراق دولة للشعب العراقي ودولة لمليشيات الإيرانية واليمن دولة للشعب اليمني ودولة للحوثيين وبالطبع من له الكلمة الأولى والأخيرة داخل هذه الدول ليست الدولة الأصل وانما أزرع إيران داخل هذه الدولة التي تأخد اوامرها من القيادة المركزية في إيران.

ومع هذه السياسة الخارجية العدائية التي تتبعها إيران لا تأتي اضرارها على إيران فحسب وإنما تأتي اضرارها وأخطارها على الدول الأسيرة للدولة الخمينية ويمكن أن نشاهد ذلك مع كل توتر يحدث بين إسرائيل وإيران أو بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية فتلجأ إيران إلى الرد من خلال الدول الأسيرة للنظام الإيراني التي حولتهم إلى قواعد عسكرية لحماية مصالحها مثل ما نشهده في الآونة الأخيرة ارتفاع حرارة التصريحات بين المعسكر الإسرائيلي والمعسكر الإيراني والذي تحول إلى تصعيد محدود بين المعسكرين مثل القيام بعمليات عسكرية محدودة على مسرح الشرق الأوسط


فالشرق الأوسط دائماً في حالة من الفوران والغليان وازدادت هذه السخونة مع التصعيد الدائر بين إسرائيل وإيران والذي تتعدد فيه جبهات القتال سواء داخل إيران بقيام إسرائيل بعمليات تخريبية متكررة تستهدف فيه المنشآت النووية وترد إيران في المقابل بأستهداف ناقلات النفط الإسرائيلية في البحر مثل حادثة النفط الأخيرة وليست الأخيرة وهي استهداف ناقلة النفط "ميرسر ستريت" مما أسفر عن مقتل بريطاني وروماني ثم بعد أن أعلنت وسائل إعلام إيرانية عن تبني إيران هذا الهجوم سرعان ما عدلت من حساباتها و أنكرت السلطات الإيرانية بعد أن شاهدت حملات إدانة دولية وأعقبها اجتماع لمجلس الأمن لمناقشة أمن الملاحة البحرية ثم يأتي الرد الإيراني ثم تستمر وتيرة التوتر بين المعسكرين كقيام حركة فلسطينية بإطلاق صواريخ من الأراضي اللبنانية وترد إسرائيل على هذا الهجوم بذكر بيان يوضح سبب الهجوم الإسرائيلي دون ذكر الجهة المسؤولة عن هذا الهجوم الذي تم من داخل الأراضي اللبنانية ضد إسرائيل ثم يقرر حزب الله الرد على إسرائيل دون احداث اي ضرر للمعسكر الإسرائيلي مؤكداً حزب الله أن الأزمات الكارثية التي يعاني منها داخل لبنان لن تمنع حزب الله من الرد على إسرائيل ومع هذا التصعيد بين المعسكرين يقف العالم يحبس أنفاسه طالباً من كلا المعسكرين التخفيض من هذا التصعيد واتباع أقصى درجات الحكمة وضبط النفس

وفي ظل هذه الأجواء المتوترة يعود سؤال من جديد هل كلا المعسكرين مستعدين للدخول إلى حرب موسعة؟ هل الحكومة الإيرانية الجديدة برئاسة إبراهيم رئيسي مستعدة لشن حملة عسكرية ضد إسرائيل إذا ما قررت إسرائيل اللجوء إلى الخيار العسكري لإفشال المشروع الإيراني النووي؟!

مما هو ظاهر أمام العيان أن الطبول تدق وأنه قد حان وقت الحرب لكن ما هو خفي أو قريب من الواقع أنه لم يحين الحرب بين كلا المعسكرين فمحاولات إحياء الاتفاق النووي من قبل الدول المشاركة في الاتفاق عن طريق مفاوضات فيينا من ناحية ومحاولات إسرائيلية من ناحية أخرى حشد دولي آملاً للردع إيران من انضمامها إلى نادي التسليح النووي ومحاولتها تطويق إيران إقليمياً عن طريق اتفاقيات السلام ودولياً عن طريق فرض حصار سياسي واقتصادي وإعلامي على النظام الإيراني والقيام بعمليات إغتيالات ضد علماء إيران داخل الأراضي الإيرانية واستهداف منشآت إيران النووية واستهداف مناطق نفوذها في المنطقة كل ذلك لم يردع إيران ويمنعها من انضمام إلى نادي التسليح النووي بل العكس أن إيران تزداد تعنت مع كل حصار وتطويق يفرض عليها.. ولعل هذا الأحباط أو الفشل ظهر في تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد في المغرب أثناء حديثه عن التهديد الإيراني فقال "لم يبق أمامنا سوى الخيار الدبلوماسي" وهي إشارة إلى فشل الإدارة الإسرائيلية بقيادة نفتالي بينيت إقناع إدارة بايدن حول خطورة الجمهورية الخمينية إذا أصبحت دولة ذات قوة نووية فإدارة بايدن لم تعطي الأذن لإسرائيل باللجوء إلى الخيار العسكري ويبدو أن إدارة بايدن لا تريد أن تجر المنطقة إلى حرب جديدة لانهاية لها أو أن تكون حقبة بايدن حقبة حروب وصراعات تضر مصالح الأمريكية في الشرق الأوسط الجديد...فكل الأحداث المتسلسلة والتي تمزج بين الغليان والفوران وبين الجمود والهدوء الذي يسبق العاصفة تظهر لنا أن لا إسرائيل مستعدة إلى الخيار العسكري لأن عواقبها كارثية عليها ولا إيران مستعدة لأن الحرب قد تجر إيران إلى نتائج كارثية وخصوصاً داخل إيران وقد تكون حرب نهاية للمشروع النووي الإيراني وبداية لإسقاط الجمهورية الخمينية


0 Comments Add a Comment?

Add a comment
You can use markdown for links, quotes, bold, italics and lists. View a guide to Markdown
This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply. You will need to verify your email to approve this comment. All comments are subject to moderation.